البرمجيات الحرة هي البرمجيات التي تتيح حرية الاستخدام والتوزيع والتطوير للمستخدمين والمبرمجين، ببساطة هي برمجيات تُعلي قيمة الحرية والتعاون والمشاركة والحق في المعرفة. استخدامك للبرمجيات الحرة يعني:
- أنك حر في استخدامها في الغرض الذي تريده، بغض النظر عن غرض إنتاجها الأساسي.
- أنك حر في دراسة كيفية عمل البرمجية وتعديلها وتطويرها بما يتوافق مع أغراضك واحتياجاتك، وهو ما يتطلب حصولك على الشفرة المصدرية (الأكواد البرمجية)
- أنك حر في إعادة نشرها وتوزيعها وتشغيلها على عدد لا نهائي من الحواسيب دون الحاجة لشراء رخص استخدام أخرى.
- أنك حر في إعادة نشر وتوزيع من إصداراتك المعدّلة من البرمجيات للآخرين.
خطوط متقاطعة مع حركة البرمجيات الحرة
بين البرمجيات الحرة والمصادر المفتوحة، ومنظمات المجتمع المدني، العديد من الأهداف المشتركة. إذا كانت منظمات المجتمع المدني تسعى من خلال علمها وأنشطتها لدعم المجتمع وتطويره على اختلاف أهداف كل منظمة، فإن البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر أيضا تسعى لذلك. حركة البرمجيات الحرة والمصادر المفتوحة –حتى وإن كان بينهما اختلاف– تسعيا بشكل أساسي لدعم حق وحرية الأفراد في المعرفة والاستخدام والتطوير والخصوصية وغيرها من القيم.
استخدام البرمجيات الحرة يساهم في خلق مجتمع تعاوني بشكل كبير. الأفكار الأساسية التي تُبنى عليها قيم مجتمع البرمجيات الحرة هي التعاون والحرية. إذا واجهتك مشكلة في برمجية ما، واستطعت إيجاد حل لها، يمكنك أن تشاركه مع الآخرين ممن يواجهوا نفس المشكلة. لا يوجد حدود للمشاركة.
حرية الاطلاع على الشفرة المصدرية للبرمجيات تساعد بشكل كبير في توطين المعرفة المحلية للمبرمجين والمستخدمين. تخيل أن مبرمج ما قادر على الاطلاع على الشفرة المصدرية لبرنامج معين؛ ما هي الأفق الجديدة التي يمكن أن يكتسبها من ذلك؟ يستطيع أن يطور مهاراته من خلال دراسة آلاف الأسطر البرمجية التي كتبها مبرمجين وعدّل عليها آخرون. مساحة ضخمة من العقول، ينهل المبرمج من فكرها ومهاراتها دون وجود أي عوائق تتعلق بالملكية الفكرية أو براءات الاختراع. ببساطة لأنها برمجيات تسعى لإتاحة المعرفة وليس احتكارها.
حتى المستخدم العادي سيستفيد من قيم الحرية التي تتيحاها البرمجيات الحرة. سيكون قادر على قراءة توثيق البرمجية حتى وإن كان لا يمتلك مهارات برمجية. ستجد العديد من المجتمعات التقنية التي تقدم له دعم فني. عشرات، وربما آلاف المبرمجين الذين يعملون بشكل تعاوني لإصلاح خلل أو علة في برمجية حرة، حتما المستخدم النهائي الذي ليس له أي خبرات تقنية هو المستفيد من هذه الممارسات.
قيم المشاركة والتعاون التي تعليها البرمجيات الحرة، تخلق مجتمعا تعاونيا تختفي فيه أساطير الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وممارسات الرأسمالية.
قلل النفقات مع البرمجيات الحرة
الموارد المالية لمنظمات المجتمع المدني هي بطبيعتها موارد محدودة، يتم جمعها من التبرعات أو المنح، لتخدم قضايا إنسانية ومجتمعية. لماذا يتم إهدار مواردها المالية في شراء برمجيات؟ لماذا لا يتم الاستفادة من هذه الموارد في أنشطة المنظمات عوضا عن دفها لشركات مقابل برمجيات لا نعرف عنها شيئ ولا يمكننا تطويرها أو إعادة توزيعها؟
إذا كانت منظمة ما لديها 15 حاسوب، فإن عليها شراء 15 نسخة ميكروسوفت ويندوز، بالإضافة لنسخ ميكرسوفت أوفيس، وبعض البرمجيات الأخرى مثل برامج مكافحة الفيروسات وغيرها، آلاف الدولارات ستُدفع في هذا النوع من البرمجيات، في حين أنه يمكن الاستغناء تماما عن هذه البرمجيات وأنظمة التشغيل المحتكرة والاعتماد على أنظمة تشغيل حرة ومفتوحة المصدر، دون الحاجة لتحميل المنظمة نفاقات ليس لها أي داعي، بل على العكس، اعتماد المنظمة على البرمجيات الحرة سيساهم إيجابا في إنتاجية المؤسسة بشكل عام.
مبررات استخدام البرمجيات المحتكرة عديدة، أغلبها دعائيا من شركات رأسمالية تؤمن الاحتكار وهراء براءات الاختراع والملكية الفكرية وما يترتب عليها من دولارات وأسواق ودول تابعة. مبرر أن البرمجيات المحتكرة أسهل من البرمجيات الحرة، نعم ربما يكون صحيح، لكنه مبرر يتطابق مع أي شيئ تستخدمه لأول مرة، هل تذكُر عندما استخدمت ويندوز لأول مرة؟ بالتأكيد كان صعبا. فقط بقليل من التدريب والممارسة أصبحت متوائما معه. كذلك الحال في البرمجيات الحرة، هي مناسبة تماما للمستخدم المبتدئ، فقط تحتاج أيام قليلة لتشعر بسهولة الاستخدام. يمكن للمنظمات أن توفّر تدريبا للعاملين بها من قبل متخصصين. التدريب لن يُكلّف المنظمة ما تتكلفه لشراء البرمجيات الاحتكارية أبدا.
مبرر آخر هو، إنتاجية البرمجيات الحرة أقل من البرمجيات المحتكرة. لا أرى أي وجه في المقارنة بين الإثنين. الواقع على العكس تماما، يمكنك أن تجد آلاف البرامج التي تؤدي أي مهمة تريدها دون عناء، كل ما عليك أن تجرب هذه البرامج وتختار الملائم لك. بل ويمكنك أن تقوم توظّف مطورا ليقوم بتعديل وتطوير أي برمجية لتناسب احتياجاتك وتلائم فريق عملك دون القلق تجاه الملكية الفكرية ورخصة استخدام البرمجية. بعض البرمجيات الحرة يقوم على برمجتها آلاف المبرمجين، ويراجع شفرتها المصدرية آلاف آخرين، بخلاف مجتمعات تقنية تساهم في إصلاح العلل التي تظهر بها. هل هذه البرمجية ستكون أفضل أم البرمجية التي تحتكرها شركة واحدة. القاعدة أن عقلان أفضل من عقل واحد.
العديد من المبررات التي يسوقها أعداء الحرية والمشاركة ضد البرمجيات الحرة، جرب أن تتعلم استخدام أحد توزيعات جنو/لينكس، وحزم الأعمال المكتبية الحرة، واعتمد في عملك الروتيني عليها، وستجد أن كل المبررات اندثرت وأصبحت خيال.
على الجانب الآخر فإن توفير النفقات لن يكون فقط فيما يتعلق بشراء البرمجيات، لكن أيضا على مستوى التقليل في نفقات شراء العتاد والأجهزة الحديثة. البرمجيات الحرة تعمل دائما على دعم العتاد القديم، وأن تُستخدم على الأجهزة القديمة ذات الموارد الضعيفة أو المتوسطة دون الحاجة لتحديث عتادها. وبالتي لا يوجد أي داعي لمنظمات المجتمع المدني أن تُهدر مواردها المادية في تحديث عتاد أجهزتها القديمة. تخيل أنه يمكنك استخدام أحد توزيعات جنو/لينكس المجانية، ذات الشعبية والسهولة والدعم الفني المتوفر مجانا من قبل المجتمع على حاسوب متواضع الإمكانيات. في بعض التوزيعات يصل الحد الأدنى المُتطلب لتشغيل أحد توزيعات جنو/لينكس لنصف الإمكانيات التي يحتاجها نظام تشغيل ميكروسوفت ويندوز.
الأمان مع البرمجيات الحرة
واحدة من أهم الأسباب التي تُحتم على منظمات المجتمع المدني، هي السيطرة على الحوسبة. البرمجيات الحرة وأنظمة التشغيل الحرة ومفتوحة المصدر، لا يملكها أحد. هي برمجيات ملك الجميع، ملك مطوريها ومستخدميها. استخدامها يعني أنك تمتلك حوسبتك. في مجتمع البرمجيات الحرة، المستخدمين قادرين على معرفة كل الأنشطة والوظائف التي تقوم بها البرمجيات، لا داعي أن يكونوا مبرمجين أو تقنين ذات مستوى عالي لمعرفة ذلك، يكفي فقط أن يطلعوا على المراجعات التي يقوم بها المبرمجين أو مجتمعات دعم البرمجيات الحرة، والتي يعج الإنترنت بها، ليعرفوا جيدا الوظائف والعيوب التي تشوب أي برنامج حر.
استخدامك البرمجيات الحرة يعني أنك قادر على التحكم والسيطرة في حوسبتك، لا يتحكم في حاسوبك أحد، أنت قادر على التحكم والوصول الكامل لكل جزء في حاسوبك.
البرمجيات الحرة توفّر قدرا عاليا من الأمن والحماية مقارنة بباقي الأنظمة، لن تحتاج لتثبيت مكافح فيروسات، أو انتظار عدة أيام لسد ثغرة أمنية في نظام تشغيلك أو نظام إدارة المحتوى الذي تستخدمه لموقعك. على الأغلب سيكون هناك ساعات قليلة بين اكتشاف الثغرة وتنبيه نظام التشغيل أو البرمجية لك عن وجود تحديث لإصلاحها.
بعض التقارير التي تقول أن ويندوز أكثر أمانا عن توزيعات جنو/لينكس، هي دراسات غير دقيقة، ومبنية بالأساس على ما تعلنه عدد الثغرات التي تكتشفها مايكروسوفت بالمقارنة مع يتم إعلانه من قبل مجتمع البرمجيات الحرة. والواقع أن هذا يأتي في صالح جنو/لينكس. المرجعات المتعددة للبرمجيات الحرة ونواة لينكس من قبل آلاف المبرمجين تجعل عملية اكتشاف وإصلاح الثغرات الأمنية والعلل أسرع وأكثر إنتاجية عن مثيلتها في أنظمة التشغيل والبرمجيات الأخرى.
عامل الأمان والحماية المتوفّر في جنو/لينكس هام جدا لمنظمات المجتمع المدني، خاصة إن كانت تعمل في مجال حقوق الإنسان وعلى القضايا التي ربما لا تروق للأنظمة المستبدة كالتي نعيش في ظل حكمها في المنطقة العربية.