الكام يوم ال فاتو، الحكومة الأمريكية قررت تدي شركة إنفيديا تصريح ترجع تبيع شريحة الذكاء الاصطناعي للصين، بعد ما كانت منعتها قبل كده ضمن القيود اللي فرضتها على تصدير التقنيات المتقدمة لبكين. القرار ده جه بعد شهور من ضغوط كبيرة من إنفيديا، وبيكشف قد إيه المصالح الاقتصادية بقت بتزاحم اعتبارات الأمن القومي جوه السياسة الإمبريالية الأمريكية. الخبر في التعليقات.
رجوع شركة إنفيديا تاني لبيع الرقائق للصين مش بس قرار اقتصادي، ده كمان دليل واضح على التناقض في النخب الحاكمة الأمريكية، كلامهم كله عداء جيوسياسي من ناحية، ومن ناحية تانية مصالح طبقية عليا مش بتعترف غير بمكسب السوق. والتناقض ده مش هنفهمه غير بالربط بين التكنولوجيا، والفلوس، والدولة في شكلهم الطبقي العالمي.
إنفيديا دلوقتي مش مجرد شركة رقائق، لكن باحتكارها لمعالجات تشغيل وتدريب الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في ال GPU، بقت بتجسد فكرة “الاحتكار كجوهر للإمبريالية”. بس الاحتكار ده داخل في المعرفة والابتكار وتحديد هو فين وإيه هو التقدم أصلًا. إنفيديا بتبيع للجيش، وللمخابرات، وللشركات، وللمعامل، وللجامعات، وفي الآخر هي اللي بتحدد مين ممكن يوصل لإيه في التكنولوجيًا على مستوى العالم كله.
وضع الصين في السياق دا حالة خاصة. هي “الخصم اللي ماينفعش يتم احتوائه”. من أول ما بدأت الحرب الباردة التكنولوجية الجديدة، وأمريكا بتحاول تحاصر الصين وتمنعها من الوصول لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، بحجج زي الخوف من الاستخدام العسكري أو الهجوم السيبراني. لكن السياسة دي خبطت في الحيطة لما جت عند الواقع الرأسمالي نفسه. إنفيديا كانت متوقعة تبيع شرائح بـ15 مليار دولار في الصين في سنة واحدة. فهل أمريكا فعلاً هتضحي بالمكسب ده كله علشان توقف الصين؟
سياسة منع الصين من المعالجات المتطورة مبنية على وهم إن التكنولوجيا ممكن تتفصل عن السوق، وإن السيطرة ينفع تتعمل من غير تمن. إنفيديا شغّلت ماكينة ضغط ضخمة على دوائر القرار في أمريكا، استخدمت فيها كل أدوات النفوذ اللي عندها، علشان تضمن استمرار الأرباح. وفي الآخر إدارة ترامب رضخت. لدرجة إن بعض المسؤولين بدأوا يتكلموا بنبرة هادية تجاه بكين، وبيقارنوا أهمية “الحزمة التقنية الأمريكية” بنفس أهمية الدولار كعملة عالمية، ودي وجهة نظر واضحة وقديمة لتحويل التفوق التكنولوجي لأداة مادية للهيمنة.
في الحقيقة، السيطرة على الذكاء الاصطناعي بقى مركزي جدا في الصراع الاقتصادي العالمي. الصين – زي دول تانية متأخرة – ما بتطورش نفسها عن طريق تكرار نفس خطوات الرأسمالية الكلاسيكية، لكن بتختصر وبتعيد تركيب المراحل بشكل هجين. وعلشان كده محاولات أمريكا توقفها بتصدرات أو قوانين مش واقعية، لأن اللحاق التكنولوجي بيحصل جوا نفس شبكة الإنتاج الرأسمالية، مش من برّاها. فيه مقال في التعليقات عن الموضوع دا في سياق تصنيع آيفون.
طبعا انفيديا مش هتبيع للصين أكثر المعالجات تطور، لكن هتبيع شريحة H20، وهي نسخة أضعف من الشريحة الأقوى H100. يعني الرأسمالية مش بتمانع التكنولوجيا، هي بس بتشكلها حسب السوق. المنتج بيتغير شوية علشان يوافق القانون، بس من غير ما يأثر على الربح. دي حالة نموذجية على مرونة الرأسمالية في تكييف التكنولوجيا حسب السياسة والمكسب. التكنولوجيا هنا مش “محايدة”، دي معمولة مخصوص علشان تلبّي شروط السيطرة، من خلال مؤسسات احتكارية ضخمة بتخدم الدولة الرأسمالية أحيانا، وبتتجاوزها أحيانا. موضوع حياد التكنولوجيا عموما في غاية الأهمية، في التعليقات مقال عنه.
اللي بيحصل فعليًا هو إن الطبقة الرأسمالية الرقمية – زي إنفيديا – بتتصادم مع بيروقراطيات الأمن القومي والجيش والمجمع الصناعي العسكري. ووسط ما أصوات سياسية بتنادي بوقف أي تعاون مع بكين، الشركات بتحارب علشان السوق الصيني يفضل مفتوح، حتى لو على حساب “الأمن”. وده بيكشف عن صراع جوه الطبقة الحاكمة نفسها، كل جناح فيها عنده تصور مختلف عن إزاي نحافظ على الهيمنة العالمية.
على أي حال المعركة الحقيقية والصراع الحقيقي مش بين “أمريكا والصين”، إنما بين اللي معاهم أدوات الذكاء الاصطناعي، وبين اللي بيتحولوا لوقود في سباقه. وعلشان كده، تحرير التكنولوجيا مش هيحصل غير من خلال مشروع يعيد تعريف التكنولوجيا كحق جماعي، مش كسلاح في إيد إمبرياليات بتتنافس.