#مصطلحات_ليست_بريئة (٥) | Algorithm

كلمة خوارزمية تبدو وكأنها وصفة رياضية باردة تعمل تلقائيًا بلا تدخل بشري، لكن خلفها تختفي قرارات بشرية ومصالح اقتصادية وسياسية.

ما نسمّيه خوارزمية عبارة عن منظومة قرارات وعمليات مصممة لخدمة أهداف واضحة مثل التحكم في سلوك المستهلكين، واستغلال العمال، وتكثيف المراقبة، وإعادة توزيع القوة في الفضاء الرقمي لصالح من يملك المنصة والبيانات.

عندما نقول ببساطة إن “الخوارزمية قررت”، فإننا نغطي على حقيقة أن هناك شركات تتحكم في سلوك ملايين البشر وتستغل بياناتهم وتحولها إلى سلعة. وهكذا تتحول علاقات الهيمنة إلى مسألة تقنية بحتة، ويختفي الحديث عن الملكية الخاصة واحتكار المعرفة والموارد الرقمية وراء ستار علمي يبدو موضوعيًا.

الشركات تستخدم الخوارزمية لتختار ما يظهر في شاشاتنا وما يختفي عنها، ولتحدد فرص العمل والقروض والائتمان. وتستخدمها الشركات والدول معًا لتصنيف المواطنين، وضبط الفضاء العام، وتوجيه تدفق المعلومات والموارد بما يخدم مصالح من يملكون البنية الرقمية.

حتى اللغة التي تُستخدم في وصف هذه المنظومات تلعب دورًا في إخفاء الصراع. الحديث عن “الخوارزميات” كما لو كانت ذكاءً ذاتيًا مستقلًا يوحي بأن ما يحدث أمر طبيعي أو نتيجة لتطور علمي محض، بينما هو في الحقيقة قرار اقتصادي واجتماعي وسياسي مغلّف بلغة التقنية.

لفهم كيف تستخدم الشركات الخوارزميات حقًا علينا أن نتجاوز الصورة البريئة التي تُسوق لنا، ونراها كأداة للسيطرة وإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في واقع يتركز فيه رأس المال والبيانات بأيدي قلة، ويُعاد ترتيب العالم وفق مصالح من يملكون التكنولوجيا.