في كل مرة تتحدث شركات التكنولوجيا عن الابتكار، يكون السياق “حياة أفضل وأسهل”. لكن غزة كشفت الوجه الآخر لهذا الابتكار.
في غزة، تَحوَّلت التكنولوجيا المدنية إلى سلاح.
طائرات DJI Agras، التي صُممت أصلًا لرش المحاصيل الزراعية، جرى تعديلها لتكون قادرة على إلقاء القنابل على أحياء كاملة وملاجئ مكتظة بالمدنيين. تقارير استقصائية وثّقت استخدامها في جباليا وبيت لاهيا، حيث أُلقيت متفجرات من طائرات كان يُفترض أن تعمل في الحقول لا في حرب.
طائرات Mavic وAvata، المعروفة في عالم التصوير والهواة، أصبحت تحلّق فوق البيوت لتحدد أهدافًا للقصف أو تتعقب أفرادًا تحت التهديد. والأنفاق تحت الأرض جرى استخدام نماذج Avata الصغيرة لاستكشافها.
وكشفت تحقيقات دولية عن قيام وحدة 8200 الإسرائيلية بتخزين وتحليل كميات هائلة من مكالمات الفلسطينيين وبياناتهم على خوادم Microsoft Azure. هذه البيانات، التي وُلدت من حياة يومية عادية — مكالمات عائلية، رسائل شخصية — تحولت إلى مادة خام لدعم عمليات القصف وتحديد الأهداف. مايكروسوفت أعلنت بعد ذلك أنها عطّلت بعض خدماتها، لكن بعد أن أصبحت الشركة شريك في الإبادة.
في الوقت نفسه، تسارع إسرائيل إلى تقديم حروبها على أنها “مختبرات ابتكار”. الذكاء الاصطناعي يُسوَّق اليوم بوصفه أداة “لتحديد الأهداف بسرعة ودقة”، والمنتجات العسكرية والأمنية تُسوق أنها “مجرّبة في ساحة القتال”.
هذا كله نتيجة مباشرة لبنية السوق التي تحوّل كل شيء إلى سلعة. شركات التقنية تُنتج وتبيع بلا أي التزام أو قيود حقيقية، ثم تكتفي ببيانات صحفية ترفض “استخدام منتجاتها في العنف والحرب”. وعندما يطالب الناس بالمساءلة، تلوّح الشركات بشعار “التكنولوجيا محايدة” وكأن الحياد يبرر تحويل أدوات الزراعة والتصوير إلى أدوات قتل.