العمال الرقميين امتداد حيّ للطبقة العاملة العالمية

مع صعود الرأسمالية في سياق الإنترنت والاتصالات، بقى العمال في القطاع الرقمي – من كتابة الأكواد، لإدارة البيانات، وتشغيل الخوادم، وضمان تدفق اللوجستيات – حلقة أساسية في النظام الرأسمالي. وعشان كده، بيظهر دورهم النهارده كجزء مهم -وقد يكون حاسم- في الصراع الطبقي.

الأكيد إن العمال الرقميين امتداد حيّ للطبقة العاملة العالمية مش “طبقة جديدة” منفصلة. وقوتهم مش في العدد الضخم، لكن في مواقعهم الاستراتيجية داخل تقسيم العمل العالمي. أي تعطيل في مركز بيانات، أو وقف سيرفر لشركة لوجستيات، ما بيأثرش محليًا بس، لكن بيعمل ارتجاج عبر الشبكة كلها، ويمتد لقطاعات تانية من الاقتصاد. هنا بيتحول وجودهم لثقل سياسي محتمل أكبر بكتير من حجمهم العددي.

كمان الرأسمالية في طورها رقمي ركزت التناقض القائمة، مثلا عمّقت تجزئة الطبقة العاملة، وخلقت جزر منعزلة من العمال، كل مجموعة محاصرة داخل قطاع أو منصة أو شركة. ومع ذلك، نفس الرأسمالية دي رسخت الطبيعة الأممية للطبق لعاملة بشكل غير مسبوق. العامل اللي بيكتب كود في القاهرة مش منفصل عن اللي بيشغّل سيرفر في برلين أو اللي بيصنف بيانات في كينيا. كلهم مربوطين في شبكة واحدة، وبيتعرضوا لنفس الأزمات والأوامر اللي بيفرضها رأس المال.

وفي السياق ده، العمال الرقميين ما يقدروش يقودوا وحدهم أو يكونوا طليعة ثورية منعزلة. أي وهم من النوع ده مصيره الفشل. القوة الحقيقية بتظهر لما يتلاقوا مع العمال الصناعيين اللي لسه بيمثلوا الكتل الأكبر داخل مواقع الإنتاج المادي، ومع العمال الخدماتيين اللي بيمسكوا شرايين الحياة اليومية للمجتمع. التحالف ده هو اللي يقدر يحوّل -مثلا- الإضراب الرقمي من مجرد تعطيل سيرفر أو شبكة، إلى قوة طبقية شاملة تهز أركان النظام.أهمية العمال الرقميين النهارده مش بس في إنهم بيحتلوا مواقع استراتيجية داخل النظام، لكن كمان في إن وجودهم بيفضح هشاشة الرأسمالية نفسها.

نظام كامل مبني على سيرفرات وخطوط بيانات ممكن يتهز جداً بضغطة زر واعية من عامل منظم. وبالتالي، قد يكون الرهان على انخراطهم في معركة أوسع مع العمال الصناعيين والخدماتيين، لصياغة صراع طبقي عالمي يتناسب مع طبيعة الرأسمالية في طورها الحالي.