هذا المقال نُشر أولا في موقع مدى بتاريخ 01-03-2017
في ستينيات القرن الماضي ابتكر جوردون مور، المؤسس المُشارك لشركة «إنتل»، قانونًا يَحكُم التطور التقني لقدرات الحواسيب في معالجة البيانات، وبمفاده فإمكانيات الحاسوب تتضاعف كل سنتين تقريبًا؛ سرعة المعالجات بالحواسيب وسعة الذاكرة وكل شيء تقريبًا. ورغم أن قانون مور لا يعتمد على أُسُس الفيزياء والرياضيات بقدر ما يعتمد عن رؤية لاتجاه صناعة الحواسيب والمعالجات، إلا أنه نُفّذ من قبل مُصنعي الحواسيب، حتى وصلنا إلى أن تكون الآلة الحاسبة التي يستخدمها الطلاب الآن أقدر على معالجة البيانات من الحاسوب، الذي أدار مهمة أبولو 11 التي قادت البشر لأول مرة للنزول على سطح القمر!
ومع تغيُّر سلوكيات الاستهلاك وانصباب تركيز شركات تصنيع الحواسيب على سد احتياجات السوق، صار لزامًا على ما تُصنّعه أن يُلبّي احتياجات المستهلكين، فلم يعد التصنيع مُركَّزًا على احتياجات الشركات الكبرى ومراكز البيانات أو حتى الحواسيب المكتبية والمتنقلة، وإنما أصبح ما يحدد تطور الحوسبة الآن هو احتياجات سوق الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء كالساعات الذكية وتقنيات الحوسبة السحابية، لذا ترى التنبؤات أن 2020 قد يشهد موت قانون مور.
في عشرينيات القرن الماضي تنبأ العالم نيكولا تيسلا بالإنترنت والهواتف الذكية وتطبيقات الويب. كان يرى أن الأرض ستُغطى بشبكة عملاقة، كل شيء سيكون داخل هذه الشبكة ومتوافقًا معها، وسيكون البشر قادرين على التواصل لحظيًا مع بعضهم بغض النظر عن المسافات الفاصلة بينهم من خلال تقنيات تجمع بين التلفاز والهاتف، والأداة التي سيستخدمها البشر في ذلك ستكون أبسط وأصغر حجمًا من هاتف العشرينيات، ويستطيع الإنسان حملها في جيبه. جميعنا يحمل نبوءة تسلا الآن في جيبه، وغالبًا تقرأ منه هذه السطور.
وفَّرت الحواسيب إمكانية لتبادل البيانات والمعلومات دون استهلاك وسائط تخزينها، وزادت من عمر بقاءها، أو ربما خلّدته. فمع ظهور الحواسيب المكتبية وانتشارها أصبح بإمكان الجميع تبادل ملفات تحتوي آلاف البيانات والمعلومات بسهولة. وحتى قبل انتشار استخدام الإنترنت، وفي وقت لم تكن فيه خدمة الإنترنت مُؤَهّلة لتبادل ملفات ضخمة، كان المستخدمون يلجؤون لتبادلها بشكل مباشر عبر وسائط التخزين المتاحة، وبطرق كانت شديدة الانتشار في تسعينيات القرن الماضي ولا تُكَلّف مالًا؛ فقط يربط المستخدمُ القرصَ الصلبَ بحاسوب آخر يريد نقل ملفات منه. ظلت هذه الطريقة منتشرة جدًا لنقل البيانات بين المستخدمين حتى بداية الألفينات، ووفرّت استهلاك أقراص CD أو الأقراص المرنة «فلوبي ديسك». وبينما تُستهلك أو تُفقد وسائل النشر التقليدية كالورق، كانت الصيغ الرقمية لتبادل البيانات لا تُستهلك ويمكن نسخها لعدد لا نهائي من الأفراد دون تعريضها للنفاد أو الاستهلاك. كانت ثقافة مشاركة البيانات والمعلومات، وما تزال، واحدة من أهم القيم الأكثر تأثيرًا في تطور المجتمع الرقمي.
كانت المعلومات وتداولها في صلب التفكير في بناء الوِب، والذي يختلف عن الإنترنت، فالأخير هو شبكة ضخمة تصل بين مجموعة ضخمة من الحواسيب والخواديم، بينما الوِب هو النظام الذي يسمح بتنقل المستخدم بين صفحات باستخدام مُتَصفِّح، ويعمل فوق الإنترنت.
كان تيم بيرنرز لي، مخترع الوب، واحدًا من العلماء الذين آمنوا بضرورة إتاحة وسيلة سهلة لنقل وتداول المعلومات عبر الإنترنت. وفي 1989 عرض تيم فكرة الترابط بين النصوص على الإنترنت بما يسمح للمستخدمين بالانتقال فيما بين الصفحات باستعمال مُتصفِّح للإنترنت، وتتوفر هذه الصفحات عبر خواديم متصلة بالإنترنت تقوم على إرسال الصفحات ومحتواها بناء على طلب المستخدم، وهي الفكرة التي عُرفت لاحقًا بالـ«وِب». في صيف 1991 أطلق بيرنرز لي أول برنامج لتصفح الإنترنت. وفي 1993 ظهر متصفح للإنترنت باسم «موزاييك» وأصبح بإمكان المستخدمين الوصول لصفحات إنترنت بها نصوص وصور ومقاطع مصورة، والتنقل فيما بين هذه الصفحات بسهولة. وأتت النقلة الأكثر تأثيرًا مع ظهور متصفح «نتسكايب» في 1994 و«إنترنت إكسبلورر» في 1995، وفي نفس الوقت أصبح هناك تواجد للعديد من وكالات الأنباء والمؤسسات الصحفية على الإنترنت.
في سنة 1993 كان عدد مواقع الإنترنت 130 موقعًا، ووصل إلى 100 ألف موقعًا بعد ثلاث سنوات فقط. وبحلول عام 1998 كان هناك 50 مليون مستخدم إنترنت في العالم، بمقدورهم تبادل ومشاركة المعلومات والبيانات.
ولأن الوِب نشأ بالأصل لإيجاد أسهل الطرق لتبادل المعلومات، وبحد قول تيم بيرنرز لي، فإن «الحلم وراء الوب هو أن يكون مجالًا معلوماتيًا مشتركًا، حيث يمكننا التواصل من خلال تبادل المعلومات»، فقد تنوعت المواقع التي ظهرت مبكرًا بين مجالات الإعلام والفن والثقافة والسياسة والعلوم والدين والتجارة. في كل المجالات سنجد مواقع ظهرت مبكرًا تتداول البيانات والمعلومات حول تخصص أو مجال اهتمام بعينه. فنجد على شبكة الإنترنت منذ عام 1990 موقع «قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت» وموقع «أرشيف الماركسيين على الإنترنت». وظهر موقع arXiv المهتم بأرشفة الأوراق العلمية في تخصصات الفيزياء والفلك والرياضيات وعلوم الحاسب وغيرهم في عام 1991، وفي نفس العام أيضا ظهر موقع AllMusic الذي يقدم خدمة الاستماع للموسيقى، وموقع ZDNet الذي يقدم أخبارًا متعلقة بالتقنية.
وفي عام 1992 ظهر موقع Spunk Library كمكتبة لدعم وتشجيع ناشري الكتب والصحف والمجلات الأناركيين. وفي عام 1993 ظهر موقع «بوابة الكتاب المقدس.. BibleGateway» الذي يوفّر الكتاب المقدس باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وهو نفس العام الذي ظهر فيه موقع Access to Insight الذي يقدم موادًا مترجمة تتعلق بالديانة والفلسفة البوذيتين، وموقع Capitol Fax الذي يقدم نشرة سياسية يومية تغطي ولاية إلينوي الأمريكية، وموقع Nifty Erotic Stories Archive والذي تخصص في نشر القصص الجنسية، وموقع Simtel الذي عمل كمستودع وأرشيف للبرامج المجانية لأغلب أنظمة التشغيل.
شهد عام 1994 المزيد من التطورات في الويب، فمع انتشار مستخدمي الإنترنت والحواسيب ظهرت مواقع أخرى شهيرة في هذا العام، مثل موقع ياهوو وأمازون وموقع بي بي سي وموقع HotWired والذي يعتبر أول مجلة هادفة للربح على الوب، وموقع WebMuseum، وهو أحد أوائل المواقع التي عملت كمتحف افتراضي على الوب، كما ظهر موقع البيت الأبيض في نفس العام أيضًا، بالإضافة لموقع GeoCities والذي مكّن العديد من مستخدمي الوب من إطلاق صفحات إلكترونية على الوِب، ويعتبر واحدًا من أهم المواقع التي ساهمت في تطور المحتوى على الِوب.
كان الوِب العربي أيضًا حاضرًا في وقت مبكر نسبيًا. رغم وجود مشاكل تتعلق باللغة العربية وترميزها وبعدد مستخدمي الإنترنت في المنطقة العربية، إلا أن عددًا من المواقع العربية ظهر منذ عام 1995. على غرار موقع «موقع أمريكا أون لاين.. AOL» ظهر موقع Arabia.com، الذي كان ينشر أخبارًا ومقالات واستفتاءات تتعلق بالمنطقة العربية، ثم تطور لاحقًا ليقدم خدمات تتعلق بالإنترنت كاستضافة المواقع الإلكترونية والبريد الإلكتروني، واستمر الموقع في العمل حتى عام 2003 وهو عام إغلاقه، كما ظهر أول موقع لشركة «صخر» العربية، وهي شركة تقنية رائدة في المنطقة العربية انتشرت حواسيبها في فترة مبكرة من التسعينيات في الدول العربية. وفي عام 1997 ظهر موقع «نسيج» وموقع قناة «الجزيرة الإخبارية» وفي نفس العام ظهر موقع «أين» والذي كان يشبه كثيرًا موقع «ياهوو»، حيث قدّم خدمات متعددة كالأخبار والدردشة والبريد الإلكتروني، ودليلًا للمواقع الإلكترونية على الشبكة. كما عمل الموقع كمحرك بحث، بالإضافة لتوفيره خدمة لإنشاء الصفحات الإلكترونية.
وفي النصف الثاني من التسعينيات انتشر الإنترنت أكثر في المنطقة العربية وظهرت العديد من المواقع الإلكترونية العربية والمنتديات، وما يزال بعضها يعمل إلى الآن.
كانت المنتديات مساحة جيدة للنقاش ولتبادل المعرفة والبيانات بين المستخدمين. كان عالم المنتديات في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي شديد الثراء بالمحتوى؛ يمكنك طرح موضوع للنقاش وتلقي عشرات أو مئات الردود عليه من مستخدمين آخرين. وفي دول كدول المنطقة العربية شكّلت المنتديات مساحة للنقاش حول قضايا غير مطروحة للنقاش أو تداول المعلومات حولها في وسائل الإعلام والنشر التقليدية. كان هناك العديد من المنتديات التي ظهرت مبكرًا، واستخدمها آلاف من الدول العربية في نقاشات تنوعت بين الثقافي والديني والسياسي والتقني، وكانت مساحة جيدة للتعارف، خاصة بين متقاربي الأفكار والاهتمامات.
في نفس الفترة كانت الحكومات العربية قد وعت جيدًا بما يمكن للإنترنت والوِب والمساحة المُتوفّرة لتبادل المعلومات تغييره. وفي نهاية التسعينيات وقعت ملاحقتان أمنيتان ضد مستخدمي إنترنت عربي، الأولى كانت ضد مهندس أردني مقيم بأمريكا واعتُقل في الأردن بتهمة الإساءة للملك، والثانية كانت مُحاكمة ستة شباب سعوديين بتهمتي ذم الإسلام وإهانة المملكة العربية السعودية.
حتى المؤسسات الحقوقية ومجموعات المدافعين عن حقوق الإنسان استخدمت الوِب مبكرًا لنشر معلوماتها وبياناتها المُتعلّقة بحقوق الإنسان، فنجد العديد من منظمات حقوق الإنسان بادرت بإنشاء مواقع إلكترونية خاصة بها، مثل «هيومان ريتس واتش» التي أنشأت موقعها الإلكترونية في 1996، وأُدخلت اللغة العربية كأحد لغات الموقع في 1998، و«منظمة العفو الدولية» التي أطلقت موقعها الإلكتروني أيضًا في 1996، ونشرت بعض إصداراتها باللغة العربية، إلا أن ظهور اللغة العربية كقسم منفصل في موقعها قد حدث لاحقًا. وكان للمنظمات العربية أيضا تواجد مبكّر، فهناك بعض المنظمات التي أنشأت مواقع إلكترونية لها، وإن كان أغلبها بالإنجليزية، وربما كان ذلك لمشاكل تتعلق بترميز اللغة العربية في متصفحات الإنترنت وقتها. كان موقع «مركز المساعدة القانونية لحقوق الإنسان» هو أول موقع مصري لمنظمة حقوقية على شبكة الإنترنت، وظهر في عام 1998، وفي نفس العام ظهر موقع مؤسسة «الحق» في فلسطين. كما كان لبعض الصحف العربية تواجد على الإنترنت في فترة مبكرة. في عام 1997 ظهرت جريدة «السفير» اللبنانية بنسخة رقمية على الإنترنت، وهو نفس العام الذي ظهر فيه موقع قناة «الجزيرة القطرية». كما ظهر موقع ArabTimes كموقع تشرف عليه مجموعة من العرب المقيمين في أمريكا وكان يتمتع بمساحة واسعة من الحرية في النشر المقالات والأخبار السياسية. وفي 1998 ظهرت جريدة «الأهرام» المصرية.
ومع تطور الويب و المواقع الإلكترونية ومحركات البحث على الإنترنت، والبريد الإلكتروني وانتشاره، والقوائم البريدية والمنتديات، وتطبيقات الدردشة ثم تطبيقات وِب 2.0 كالمدونات والشبكات الاجتماعية، والهواتف الذكية المتطورة والحواسيب اللوحية، تضخّم حجم البيانات المتاحة على الشبكة، وأصبحت طرق الوصول إليها أكثر سهولة. فالشخص الذي يلتقط صورة لمعلَم محلّي ويكتب عنها نصًا وينشرها مباشرة على الإنترنت في أقل من دقيقة، يُغذّي الإنترنت بمعلومات عن الموقع الجغرافي الذي التُقطت الصورة فيه ووقت التقاطها، بالإضافة للصورة نفسها والمعلومات المكتوبة عنها. كل هذا بالإضافة للجامعات التي تنشر موادها الدراسية أو ترقمن مكتباتها على الإنترنت، أو مواقع التعليم عن بُعد والمواقع الإخبارية، والمؤسسات البحثية والعلمية، والناشرين والحكومات التي تنشر محتوى عبر الإنترنت، وحتى الذكاء الاصطناعي وتطوره إلى أن أصبح يُنتج محتوى جاهزًا للنشر على الشبكة، كل ذلك يساهم في تغذية الشبكة بمليارات البيانات يوميًا.
استخدم المهتمون بالشأن العام والسياسي في مصر والمنطقة العربية الإنترنت منذ نهاية التسعينيات وبداية الألفينات في التعبير عن آرائهم ونقاشاتهم ونشر المعلومات والبيانات، سواء عبر المنتديات أو عبر مواقع أنشأها مستخدمون منخرطون في العمل السياسي، غير أن ظهور الوِب 2.0 وتطبيقاته فتح مساحات أكثر مما كان يمكن تصورها، وأصبح الإنترنت المنصة الأساسية لنشر وتداول المعلومات.
في عام ٢٠٠٣ كانت الأمور في بغداد شديدة السوء؛ اجتياح أمريكي وهروب الجيش وانقطاع لوسائل الاتصالات ومجازر لمدنيين وبلد بأكمله يُدمّر، وكالات الأنباء العالمية والصحف الدولية تحاول تغطية الأحداث، وكتاب الأعمدة في صحف عالمية يحللون ما يحدث، والجميع يتلقفون أخبارًا من هنا وهناك. في هذا الوقت ظهرت مدونة «أين رائد؟» لمحرر عراقي يكتبها تحت اسم مستعار هو «سلام باكس»، وهو واحد من أشهر المدونين في العالم. اعتمدت الصحف ووكالات الأنباء الدولية على ما ينشره المدون العراقي بمدونته كيوميات عمّا يحدث في العراق، وعرف العالم لاحقًا أن وراء هذا الاسم المستعار شابًا عراقيًا من أم شيعية وأب سني يُدعى سلام عبد المنعم الجنابي. ولاحقًا بدأ سلام يكتب بانتظام في صحيفة الجارديان.
مر تطوُّر استخدام الوِب في تبادل المعلومات ذات الصلة بالشأن العام في مصر بمراحل اتسمت بسرعتها وتأثيرها. ففي عامي 2004 و2005 كانت حركة «كفاية» قد بدأت تقيم مظاهرات رافضة لتوريث الحكم من مبارك الأب للابن، وفي نفس الفترة كانت أول انتخابات رئاسية بين مرشحين عديدين، وحالة من الزخم السياسي كانت قد ظهرت في الشارع. انبثقت عن حركة كفاية مجموعات أخرى منها «شباب من أجل التغيير»، واستُخدم الإنترنت كأحد طرق التواصل فيما بينهم. حركة «كفاية» نفسها دشنت وقتها موقعًا إلكترونيًا ومنتدى للنقاشات السياسة باسم «مندرة كفاية» كما استخدم الشباب برنامج «بالتوك» والمدونات في ترويج أفكارهم تجاه قضايا التغيير. وفي هذه الفترة ظهرت المدونات كمنصات إعلامية يستخدمها النشطاء في تداول أخبار فاعلياتهم في الشارع. وكان من المألوف في المظاهرات وقتها أن يوزع بعض المدونين ورقة بها عناوين إلكترونية لأهم المدونات المصرية ذات الطابع المتصل بالشأن العام المصري، واحدة من هذه الأوراق حملت عنوان «الأخبار منّا وعلينا»، وهو نفس العنوان الذي يمكن أن يلخص ما يحدث منذ السنوات الأولى للألفينيات وحتى الآن: نحن الإعلام.. نحن مصدر المعلومات.
تطور استخدام الإنترنت في تداول المعلومات حتى ظهر موقع «ويكيليكس»، ليُغيّر الإنترنت مفهوم المعلومات المُتاحة للجمهور، فتخرج مراسلات دبلوماسية حساسة بين دول كبرى ويكتشف العالم كيف تُدار العلاقات بين الدول والشركات العملاقة متعددة الجنسيات التي تتحكم في اقتصاد العالم، وكيف تتجسس دول تتشدق بقيم الديمقراطية على حكومات دول أخرى حليفة لها. ثم تأتي تسريبات إدوارد سنودن حول مراقبة الاتصالات والإنترنت من قبل الحكومة الأمريكية و دول أخرى كبريطانيا وكندا واستراليا وحتى بعض الدول العربية، لتثبت أيضًا مدى خوف الحكومات من قوة وتأثير المعلومات المُتاحة على الإنترنت وتداولها.
ما يحدث الآن هو أن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والوب وتطبيقاته، حوّلوا كل من يمتلك حاسوبًا ووسيلة اتصال بالإنترنت من مجرد قارئ/ مُتلقٍ، إلى ناشر/ مُنتج محتوى. والمفارقة هنا أن التطور التكنولوجي لقانون مور لم يعد متناسبًا مع الزيادة الضخمة في البيانات، بعد أن أصبح كل شخص قادرًا على إنتاج و نشر المعلومات/ البيانات/ المعرفة، فبينما يتناول القانون تضاعف قدرات الحواسيب في معالجة البيانات كل سنتين، فإن الواقع يؤكد أن البيانات على الإنترنت تتضاعف عشر مرات كل سنتين، ما يعني أنه ليس بإمكان التطور التكنولوجي الحاصل الآن معالجة كل ما يُنتج من محتوى من قبل مستخدمي الشبكة، وهذا ما يجعل علماء وشركات تصنيع وتطوير الحواسيب عاكفة على تطوير ما يُعرف بـ «الحواسيب الكمومية» والتي ستتمكن بشكل قد لا يمكن تخيله من معالجة وتخزين كل البيانات والمعلومات.