الابتكار والسيطرة

لما بنبصّ على اللي بيطلع من معامل التكنولوجيا حوالين العالم دلوقتي، بيبقى صعب نفصل بين الابتكار والسيطرة، بين التقدّم التقني واستمرار الاستغلال.

الدرونز مش بتطير علشان تنقذ أرواح أو توصل دوا، أو تراقب التغيرات في البيئة. لكن بتتحول لأداة تجسس وقتل، بتستخدمها الدول علشان تراقب الأحياء الفقيرة، أو تستهدف الناس وقت اللزوم “الأمني” أو الاستثماري.

والذكاء الاصطناعي، اللي المفروض إنه إنجاز بشري عظيم، مش بيتطور علشان يخلّص الناس من الشغل الممل أو الإجباري. بالعكس، بيتصمّم علشان يعلي كفاءة الاستغلال، ويراقب العامل، ويتحكّم في سلوكه، ويخلّيه ينتج أكتر وأسرع.

وشبكات الاتصال السريع، اللي اتقال لنا إنها مدخل لعصر المعرفة والعدالة، بقت وسيلة لتحليل مشاعرنا وتوجيه رغباتنا. لكن علشان نستهلك أكتر ونبقى طيعين أكتر.

الأخطر من كل ده إن المسار الرأسمالي للتكنولوجيا مش بس بيهدد حياتنا، ده بيهدد وجود الكوكب نفسه. لأن الرأسمالية ما بتشوفش البيئة غير إنها مخزن موارد للبيع، وبتضحي بالهوى والمية والغابات علشان الأرباح.

الكلام عن تحرير التكنولوجيا من منطق الربح مش رفاهية فكرية، دي ضرورة وجودية.

كل خوارزمية مش تحت رقابة جماعية ديمقراطية، بتتحوّل لأداة سيطرة في إيد الأقلية اللي بتملك التكنولوجيا وبراءات الاختراع والمنصات.

وكل شبكة ما بتتدارش كملك جماعي، بتتحول لقيد رقمي.

وكل “تطور” تقني محكوم بمنطق السوق، مش هيبقى تقدم، ده هيبقى خطوة ناحية الانهيار.

والاختيار واضح… يا إما نحرر التكنولوجيا علشان تخدم البشر والكوكب… يا إما نسيبها تخلص كلنا إحنا والكوكب.