ديمقراطيات ذائفة..حيث التجسس والرقابة على الإنترنت

بدا واضحا السعي الحثيث للحكومات للسيطرة على الإنترنت، المعلومات المتوفرة الآن عن أنظمة مراقبة الإنترنت من الدول الديمقراطية والمستبدة على حد سواء أصبحت أكثر من السابق، والفضائح المتتالية يوما بعد الآخر تظهر فضيحة جديدة لدول يفترض بها الديمقراطية.

ليست لنا حكومة منتخبة و لن تكون لنا على الأرجح حكومة؛ لذا فإني أخاطبكم بسلطة لا تزيد عن تلك التي طالما تحدثت بها الحرية نفسها لأعلن أن الفضاء الاجتماعي العالمي الذي ننشئه مستقل بطبيعته عن الطاغوت الذي تسعون لفرضه علينا؛ ليست لكم شرعية لتحكمونا و لا بيدكم وسيلة لقهرنا تستحق أن نخشاها.
جون بري بارلو – إعلان الفضاء استقلال الفضاء السبراني

مشروع”بريسم” واحد من التسريبات الهامة حول تعامل الحكومة الأمريكية مع الرقابة على الإنترنت، المشروع ببساطة يوفر بابا خلفيا يمّكن وكالة الأمن القومي الأمريكية من الحصول على أي معلومات أو بيانات على اختلاف صورها لأي من عملاء الشركات المنخرطة في هذا المشروع، وأوضحت التسريبات أن شركات كبرى كميكروسوفت وجوجل وفيسبوك وغيرها كانت منخرطة بالفعل في هذا المشروع، إلا أن هذه الشركات نفت بمعرفتها به، اللافت أن مشروع “بريسم” ليس المشروع الوحيد الذي يهدف لمراقبة عامة لمستخدمي الإنترنت، بل أنه عقب تفجير فضيحة “بريسم” ظهرت سلسلة من الفضائح الأخرى الشبية لحكومات وشركات عملاقة، منها ما قامت به ميكروسوفت حيث قامت بالتعاون مع وكالة الأمن القومي الأمريكية لإيجاد وسيلة تمكن المخابرات الأمريكية من مراقبة الاتصالات التي تتم عبر سكايب.

من الولايات المتحدة الأمريكية إلى بريطانيا نتجه، فقد تم تسريب معلومات عن وجود مشروع سري يديره مكتب الاتصالات الحكومية، المشروع أُطلق تحت اسم “تيمبورا” هذا المشروع يحتوي على تجهيزات خاصة قامت بتنفيذها شركة تجارية خاصة لصالح “مكتب الاتصالات الحكومية” البريطاني هذه التجهيزات تم تثبيتها على كابلات الألياف الضوئية المسؤولة عن الاتصالات الهاتفية والإنترنت، و الواصلة بين بريطانيا وأمريكا الشمالية.

“تيمبورا” يُمكّن الاستخبارات البريطانية من التجسس على الاتصالات الهاتفية والإنترنت والحصول على كمية ضخمة جدا من المعلومات والبيانات الخاصة بالمستخدمين، على سبيل المثال; محتويات البريد الإلكتروني، المكالمات الهاتفية، ما يقوم المستخدمين بتصفحه وغير ذلك، الكارثة الحقيقة أن هذه المعلومات يتم مشاركتها مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، حيث أن المعلومات التي يتم تخزينها ومن ثم تحليلها من قبل محللين من الجهتين، يذكر أنه -بحسب صحيفة الجاردين – هناك300محلل من مكتب الاتصالات الحكومية البريطاني، و 250 محلل من وكالة الأمن القومي الأمريكية، قادرين على تحليل كمية ضخمة من البيانات على سبيل المثال يمكنهم التعامل مع 600مليون مكالمة هاتفية.

من بريطانيا إلى فرنسا،واحدة من أهم الديمقراطيات في العالم، حيث استغلت “الإدارة العامة للأمن الخارجي” ثغرة في القانون الفرنسي وقامت بالتجسس على اتصالات المستخدمين، بحسب صحيفة “لوموند” حيث قامت الإدارة سابقة الذكر -تابعه للاستخبارات الفرنسية- بمراقبة الشبكات الاجتماعية كفيسبوك بعض الخدمات الأخرى التابعة لشركات جوجل ومايكروسوفت وأبل .

ربما سمع كثيرون منا عن “فاين فيشر” الذي استخدمته 25 حكومة إلى الآن في التجسس على مواطنيها، ويذكر برمجية “فاين فيشر” استُخدمت في بعض الدول العربية كمصر والبحرين وغيرها.

هناك الكثير من البرمجيات والتقنيات التي تقوم الحكومات باستخدامها للتجسس على مستخدمي الإنترنت، لا يسع المقال الحديث عنها، أختم بما قاله جون بري بارلو في إعلان استقلال الفضاء السبراني:

نحن نخلق عالما يمكن للجميع أن يدخلوه بلا ميزة و بلا حكم مسبق على عرقهم أو على قدرتهم الاقتصادية أو العسكرية أو على محل ميلادهم.
نحن نخلق عالما يمكن فيه لأيٍّ كان في أي مكان التعبير عن رأيه أو رأيها، بغض النظر عن قدر تَفَرُّدِ هذا الرأي، بلا خوف من أن يُكره على الصمت أو على التوافق.
مفاهيمكم عن الملكية و التعبير و الهوية، و الحراك و السياق لا تنطبق علينا، فكلها مبينة على المادة، و لا مادة هنا